كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي، وَصَاحِبُ النَّصِيحَةِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَحْرُمُ التَّخَطِّي، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبْكِيرِ إلَى الْجُمُعَةِ: أَنَّ التَّخَطِّيَ مَذْمُومٌ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الذَّمَّ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى فِعْلٍ مُحَرَّمٍ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُقِيمُ غَيْرَهُ، فَيَجْلِسُ مَكَانَهُ) هَكَذَا عِبَارَةُ غَالِبِ الْأَصْحَابِ فَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمُوا بِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يُكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: الْقِيَاسُ جَوَازُ إقَامَةِ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْضِعِهِمْ، وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَفِي الْمَوْقِفِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: هَلْ يُؤَخَّرُ الْمَفْضُولُ مِنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلْفَاضِلِ؟ .

تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُهُ (وَلَا يُقِيمُ غَيْرَ عَبْدِهِ وَوَلَدِهِ) وَهُوَ صَحِيحٌ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ عَادَتُهُ الصَّلَاةَ فِيهِ، حَتَّى الْمُعَلِّمُ وَنَحْوُهُ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ: لَوْ أَقَامَة قَهْرًا فَفِي صَلَاتِهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، قُلْت: الَّذِي تَقْضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ: عَدَمُ الصِّحَّةِ لِارْتِكَابِ النَّهْيِ.

قَوْلُهُ (إلَّا مَنْ قَدَّمَ صَاحِبًا لَهُ، فَجَلَسَ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لَهُ) ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: سَوَاءٌ حَفِظَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِدُونِ إذْنِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ الْحِفْظَ بِدُونِ إذْنِهِ، مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَالنَّاظِمُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت: الْقِيَاسُ كَرَاهَتُهُ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ إيثَارٌ بِأَمْرٍ دِينِيٍّ، وَهُوَ الصَّوَابُ

الصفحة 412