كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الْعِلَّةِ فِي جَوَازِ الْجُلُوسِ: فَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَقُومُ بِاخْتِيَارِهِ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَبِهِ عَلَّلَ الشَّارِحُ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جَلَسَ لِحِفْظِهِ لَهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِإِقَامَتِهِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ آثَرَ بِمَكَانِهِ وَجَلَسَ فِي مَكَان دُونَهُ فِي الْفَضْلِ، وَكُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْحَوَاشِي، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي النُّكَتِ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ، وَهُوَ احْتِمَالُ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ كَمَا جَلَسَ فِي مِثْلِهِ، أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ إنْ آثَرَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: إنْ آثَرَ ذَا هَيْئَةٍ بِعِلْمٍ وَدَيْنٍ جَازَ، وَلَيْسَ إيثَارًا حَقِيقَةً، بَلْ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ: تَخْرِيجُ سُؤَالِ ذَلِكَ عَلَيْهَا قَالَ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَصَرَّحَ فِي الْهَدْيِ فِيهَا بِالْإِبَاحَةِ، وَيَأْتِي آخِرَ الْجَنَائِزِ إهْدَاءُ التُّرْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يُكْرَهُ قَبُولُهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، قَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ لِصَاحِبِهِ عَلَى مَكْرُوهٍ وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ قَالَ سِنْدِيٌّ: رَأَيْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَامَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ مَوْضِعِهِ فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ، وَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ إلَى مَوْضِعِك، فَرَجَعَ إلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ

الصفحة 413