كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْخُرُوجُ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى، وَإِنْ كَانَ اعْتِكَافُهُ مَا انْقَضَى فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: جَوَازُ الْخُرُوجِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الْمَجْدُ: يَجُوزُ لَهُ الْخُرُوجُ، وَلُزُومُهُ مُعْتَكَفَهُ أَوْلَى. وَتَابَعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا غَدَا مِنْ طَرِيقٍ رَجَعَ فِي أُخْرَى) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَيَذْهَبُ فِي الطَّرِيقِ الْأَبْعَدِ.

فَائِدَةٌ: ذَهَابُهُ فِي طَرِيقٍ وَرُجُوعُهُ فِي أُخْرَى: فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، وَقِيلَ: لِيَشْهَدَ لَهُ سُكَّانُ الطَّرِيقِينَ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَقِيلَ: لِيَتَصَدَّقَ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِينَ، وَقِيلَ: لَهُ لِيُسَاوِيَ بَيْنَهُمَا فِي التَّبَرُّكِ بِهِ، وَفِي الْمَسَرَّةِ بِمُشَاهَدَتِهِ، وَالِانْتِفَاعِ بِمَسْأَلَتِهِ، وَقِيلَ: لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ أَوْ الْيَهُودَ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي يَغْدُو مِنْهُ كَانَ أَطْوَلَ فَيَحْصُلُ كَثْرَةُ الثَّوَابِ بِكَثْرَةِ الْخُطَى إلَى الطَّاعَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ طَرِيقَهُ إلَى الْمُصَلَّى كَانَتْ عَلَى الْيَمِينِ فَلَوْ رَجَعَ لَرَجَعَ إلَى جِهَةِ الشِّمَالِ، وَقِيلَ: لِإِظْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: لِإِظْهَارِ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقِيلَ: لِيُرْهِبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودَ بِكَثْرَةِ مَنْ مَعَهُ. وَرَجَّحَهُ ابْنُ بِطَالٍ، وَقِيلَ: حَذَرًا مِنْ كَيْدِ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا، وَقِيلَ: لِيَزُورَ أَقَارِبَهُ الْأَحْيَاءَ وَالْأَمْوَاتِ، وَقِيلَ: لِيَصِلَ رَحِمَهُ، وَقِيلَ: لِيَتَفَاءَلَ بِتَغْيِيرِ الْحَالِ إلَى الْمَغْفِرَةِ وَالرِّضَا، وَقِيلَ: كَانَ فِي ذَهَابِهِ يَتَصَدَّقُ فَإِذَا رَجَعَ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى، لِئَلَّا يَرُدَّ مَنْ يَسْأَلُهُ قَالَ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.

الصفحة 423