كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ لِتَخْفِيفِ الزِّحَامِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقِفُ عَلَى الطُّرُقَاتِ فَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فَرِيقَانِ مِنْهُمْ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ يَعْقُوبَ لِبَنِيهِ {لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} [يوسف: 67] فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ إصَابَةِ الْعَيْنِ، وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُحْتَمَلَةِ الْقَرِيبَةِ. انْتَهَى.
قُلْت: فَعَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ: يَخْرُجُ لَنَا فِعْلُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ مِنْ شَرْطِهَا: الِاسْتِيطَانُ، وَإِذْنُ الْإِمَامِ، وَالْعَدَدُ الْمُشْتَرَطُ لِلْجُمُعَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْحَاوِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْحَوَاشِي، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، أَمَّا الِاسْتِيطَانُ وَالْعَدَدُ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا يُشْتَرَطَانِ كَالْجُمُعَةِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ، وَأَكْثَرُنَا، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يُشْتَرَطَانِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَطَانِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ.
قُلْت: مِنْهُمْ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَنَظْمِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَنَظْمِ الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَأَوْجَبَ فِي الْمُنْتَخَبِ صَلَاةَ الْعِيدِ بِدُونِ الْعَدَدِ الْمُشْتَرَطِ لِلْجُمُعَةِ

الصفحة 424