كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

قَوْلُهُ (وَتَكُونُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ) يَعْنِي الْقِرَاءَةَ تَكُونُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَرُوهُ. وَعَنْهُ يُوَالِي بِالْقِرَاءَتَيْنِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَتَكُونُ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْقِيَامِ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (فَإِذَا سَلَّمَ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) صَرَّحَ بِأَنَّ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَهَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَجْهَيْنِ.
فَائِدَةٌ: خُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ فِي أَحْكَامِهَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ فِي أَحْكَامِهَا غَيْرُ التَّكْبِيرِ مَعَ الْخَطِيبِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ: عَلَى الْأَصَحِّ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ حَتَّى فِي أَحْكَامِ الْكَلَامِ، عَلَى الْأَصَحِّ، حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْخَطِيبُ فِي الْعِيدِ إنْ شَاءَ رَدَّ السَّلَامَ وَشَمَّتَ الْعَاطِسَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ إلَّا فِي الْكَلَامِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهِيَ فِي الْإِنْصَاتِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْكَلَامِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فِي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ رِوَايَتَانِ، إمَّا كَالْجُمُعَةِ، أَوْ لِأَنَّ خُطْبَتَهَا مَقَامُ رَكْعَتَيْنِ بِخِلَافِ الْعِيدِ، وَاسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهَا تُفَارِقُ الْجُمُعَةَ فِي الطَّهَارَةِ، وَاتِّحَادِ الْإِمَامِ وَالْقِيَامِ، وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَالْعَدَدِ، لِكَوْنِهَا سُنَّةً لَا شَرْطَ لِلصَّلَاةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَتُفَارِقُ خُطْبَةُ الْعِيدِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ فِي سِتَّةِ أَشْيَاءَ: فَلَا تَجِبُ هُنَا الطَّهَارَةُ، وَلَا اتِّحَادُ الْإِمَامِ، وَلَا الْقِيَامُ، وَلَا الْجِلْسَةُ هُنَا، قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فِي وَجْهٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهَا الْعَدَدُ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ لِلصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَجْلِسُ عَقِيبَ صُعُودِهِ لِلْخُطْبَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لِعَدَمِ انْتِظَارِ فَرَاغِ الْأَذَانِ هُنَا. انْتَهَى

الصفحة 429