كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

قَرَابَةً بَعِيدَةً، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً مِثْلَ مَا رَوَاهُ حَنْبَلٌ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَعَنْهُ يَجُوزُ فِعْلُ ذَلِكَ بِهِ دُونَ غُسْلِهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَلِيَ قَرَابَتَهُ الْكَافِرَ، وَعَنْهُ يَجُوزُ دَفْنُهُ خَاصَّةً قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُنَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا غُسِّلَ أَنَّهُ كَثَوْبٍ نَجَسٍ فَلَا يُوَضَّأُ وَلَا يَنْوِي الْغُسْلَ، وَيُلْقَى فِي حُفْرَةٍ.
قُلْت: هَذَا مُتَعَيَّنٌ قَطْعًا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَّبِعَهَا رَكِبَ وَسَارَ أَمَامَهَا، قُلْت: قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ وَالْخَلَّالُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَمَرَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ بِذَلِكَ، لَمَّا مَاتَتْ أُمُّهُ: وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ» فَيُعَايَى بِهَا
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ: إذَا كَانَ الْكَافِرُ قَرَابَةً أَوْ زَوْجَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَسَوَّى فِي التَّبْصِرَةِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ.
قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَأَمَّا غُسْلُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ: فَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَجِدَ مَنْ يُوَارِيهِ غَيْرَهُ، فَيَدْفِنُهُ) قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَمَنْ تَابَعَهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ لَزَمَنَا دَفْنُهُ، ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُنَا ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي أَيْضًا: مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ كَمُرْتَدٍّ فَنَتْرُكُهُ طُعْمَةَ الْكَلْبِ، وَإِنْ غَيَّبْنَاهُ فَكَجِيفَةٍ.

الصفحة 484