كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَالْأَصْحَابُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَنَقَلَ ابْنُ وَاصِلٍ: يُزَادُ إلَى خَمْسٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ إلَى أَنْ يَنْفِيَ، وَيَقْطَعُ عَلَى وِتْرٍ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَذْكُرُ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ غَالِبًا، وَلِذَلِكَ لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَوْقَهَا عَدَدًا، وَقَوْلُ أَحْمَدَ " لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ " مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلَى مَا إذَا غَسَلَ غُسْلًا مُنَقِّيًا إلَى سَبْعٍ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ. انْتَهَى. قُلْت: قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ» .
الثَّانِيَةُ: إذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ الثَّلَاثِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَغْسِلُ إلَى خَمْسٍ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِلَى سَبْعٍ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفُرُوعُ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْغُسْلَ وَجَبَ لِزَوَالِ عَقْلِهِ.
فَقَدْ وَجَبَ بِمَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ فَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ أَنْ يَبْطُلَ الْغُسْلُ بِأَنْ لَا يُوجِبَ الْغُسْلَ كَخَلْعِ الْخُفِّ لَا يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلِ، وَيَنْقُضُ الطَّهَارَةَ بِهِ. انْتَهَى.
مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَغَيْرَهُ قَطَعُوا أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَجِبُ إعَادَةُ غُسْلِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ، بَلْ تُغْسَلُ النَّجَاسَةُ وَيُوَضَّأُ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَيَأْتِي إذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ السَّبْعِ قَرِيبًا.
فَائِدَةٌ: لَوْ لَمَسَتْهُ أُنْثَى لِشَهْوَةٍ، وَانْتَقَضَ طُهْرُ الْمَلْمُوسِ: غُسِّلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ وَمَنْ تَابَعَهُ. فَيُعَايَى بِهَا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَوَضَّأُ فَقَطْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي

الصفحة 492