كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَفْظُ الْمُصَنِّفِ وَإِطْلَاقُهُ يَعُمُّ الْخَارِجَ النَّاقِضَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، وَأَنَّهُ يُوجِبُ إعَادَةَ غُسْلِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَسْهَلُ. فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ: لَا يُعَادُ الْغُسْلُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي كَوْنِهِ حَدَثًا مِنْ الْحَيِّ خِلَافًا فَنَقَصَتْ رُتْبَتُهُ عَنْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ هُنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ: لَا يُعَادُ الْغُسْلُ مِنْ يَسِيرِهِ كَمَا يُنْقَضُ وُضُوءُ الْحَيِّ. انْتَهَى. وَقَدَّمَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى ابْنُ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ، الثَّانِيَةُ: يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَوْتِهِ. وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِزَوَالِ عَقْلِهِ، وَتَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَجَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ لَا غَيْرُ فَيُعَايَى بِهِنَّ.

قَوْلُهُ (وَيَجْعَلُ فِي الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ كَافُورًا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: يُجْعَلُ الْكَافُورُ فِي كُلِّ الْغَسَلَاتِ وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَكُونُ مَعَ الْكَافُورِ سِدْرٌ، عَلَى الصَّحِيحِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ الْخَلَّالُ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقِيلَ: يُجْعَلُ وَحْدَهُ فِي مَاءٍ قَرَاحٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ.

قَوْلُهُ (وَالْمَاءُ الْحَارُّ وَالْخِلَالُ وَالْأُشْنَانُ يُسْتَعْمَلُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ) إنْ اُحْتِيجَ إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ بِلَا كَرَاهَةٍ. وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُهُ فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ كُرِهَ فِي الْخِلَالِ وَالْأُشْنَانِ بِلَا نِزَاعٍ، وَيُكْرَهُ فِي الْمَاءِ الْحَارِّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ مُوجِبُهُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَامِدٍ. فَائِدَةٌ: لَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ فِي الْحَمَّامِ نَقَلَهُ مُهَنَّا.

الصفحة 493