كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يُلْجِمُ الْمَحَلَّ بِالْقُطْنِ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ حَشَاهُ بِهِ. قَالَ: وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ، وَصَاحِبُ النِّهَايَةِ فِيهَا يَعْنِي بِهِ أَبَا الْمَعَالِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي أَكْفَانِهِ: لَمْ يَعُدْ إلَى الْغُسْلِ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ، وَيَطْهُرُ كَفَنُهُ، وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ، إنْ كَانَ غُسِلَ دُونَ سَبْعٍ، وَعَنْهُ يُعَادُ غُسْلُهُ مِنْ الْخَارِجِ، إذَا كَانَ كَثِيرًا قَبْلَ تَكْفِينَهُ وَبَعْدَهُ وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ أَنَصُّهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَنْهُ خُرُوجُ الدَّمِ أَيْسَرُ، وَتَقَدَّمَ الِاحْتِمَالُ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَيُغَسَّلُ الْمُحْرِمُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَلَا يُغَسَّلُ كَالْحَلَالِ، لِئَلَّا يَتَقَطَّعَ شَعْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَلَا تُخَمَّرُ رَأْسُهُ) أَنَّهُ يُغَطِّي سَائِرَ بَدَنِهِ، فَيُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمَنْعُ مِنْ تَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَالتَّلْخِيصُ قَالَ الْخَلَّالُ: هُوَ وَهْمٌ مِنْ نَاقِلِهِ، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ هَذَا فِي الْأَحَادِيثِ، وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ عَنْ أَبِي عَبْد اللَّهِ غَيْرُ حَنْبَلٍ، وَهُوَ عِنْدِي وَهْمٌ مِنْ حَنْبَلٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ يُغَطِّي جَمِيعَ بَدَنِ الْمُحْرِمِ إلَّا رَأْسَهُ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلَيْنِ. وَلِهَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ تَغْطِيَتِهِمَا فِي حَيَاتِهِ. فَهَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قُلْت: فَلَا يُقَالُ: كَلَامُ الْخِرَقِيِّ خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ.
إذْ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْهِ» أَيْ الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ. وَالْعَادَةُ: أَنَّهُ لَا يُغَطَّى مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رِجْلَيْهِ. انْتَهَى.

الصفحة 497