كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: يُمْكِنُ تَوْجِيهُ تَحْرِيمِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يُحَرِّمُ تَغْطِيَةَ قَدَمَيْ الْحَيِّ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، كَالْخُفِّ وَالْجَوْرَبِ وَالْجُمْجُمِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ اسْتَيْقَنَا تَحْرِيمَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ، مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَادُ فِيهِ: سَتْرُهُمَا بِالْكَفَنِ فَكَانَ التَّحْرِيمُ أَوْلَى. انْتَهَى. وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: أَنَّهُ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَغْطِيَةُ وَجْهِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَعَنْهُ لَا يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ

فَوَائِدُ. إحْدَاهُمَا: يُجَنَّبُ الْمُحْرِمُ الْمَيِّتُ مَا يُجَنَّبُ فِي حَيَاتِهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ، لَكِنْ لَا يَجِبُ الْفِدَاءُ عَلَى الْفَاعِلِ بِهِ مَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لَوْ فَعَلَهُ حَيًّا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: يَسْتُرُ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْأَصْحَابِ: أَنَّ بَقِيَّةَ كَفَنِهِ كَحَلَالٍ. وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْهِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِمَا. وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: الْجَوَازَ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الْمُحْرِمِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً: فَإِنَّهُ يَجُوزُ إلْبَاسُهَا الْمَخِيطَ، وَتُجَنَّبُ مَا سِوَاهُ، وَلَا يُغَطَّى وَجْهُهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، الثَّالِثَةُ: لَا تُمْنَعُ الْمُعْتَدَّةُ إذَا مَاتَتْ مِنْ الطِّيبِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: تُمْنَعُ.

قَوْلُهُ (وَالشَّهِيدُ لَا يُغَسَّلُ) سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ غَيْرَهُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَحْتَمِلُ أَنَّ

الصفحة 498