كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

غُسْلَهُ مُحَرَّمٌ، وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ قَطَعَ أَبُو الْمَعَالِي بِالتَّحْرِيمِ، وَحَكَى رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَجُوزُ غُسْلُهُ، وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت: لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ لِأَصْحَابِنَا: هَلْ غُسْلُ الشَّهِيدِ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ فَيُحْتَمَلُ الْحُرْمَةُ لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ. انْتَهَى. قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُبًا) يَعْنِي فَيُغَسَّلُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَعَنْهُ لَا يُغَسَّلُ أَيْضًا.

فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: حُكْمُ مَنْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ حُكْمُ الْجُنُبِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَكَذَا كُلُّ غُسْلٍ وَجَبَ قَبْلَ الْقَتْلِ كَالْكَافِرِ يُسْلِمُ ثُمَّ يُقْتَلُ، وَقِيلَ فِي الْكَافِرِ: لَا يُغَسَّلُ، وَإِنْ غُسِّلَ غَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ، وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا: فَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الْغُسْلِ.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ: فَهَلْ يُوَضَّأُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْحَوَاشِي، قُلْت: الَّذِي ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُوَضَّأُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْغُسْلِ [وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ] .

الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ عَلَى الشَّهِيدِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ الدَّمِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا تُغَسَّلُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ بِبَقَائِهَا كَالدَّمِ فَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ: لَوْ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِزَوَالِ الدَّمِ لَمْ يَجُزْ إزَالَتُهَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِغَسْلِهَا مِنْهُمْ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.

الصفحة 499