كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

فَعَلَيْهَا: الصَّلَاةُ أَفْضَلُ، عَلَى الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَعَنْهُ تَرْكُهَا أَفْضَلُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ: فِي الشَّهِيدِ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ فَأَمَّا الشَّهِيدُ الَّذِي يُغَسَّلُ: فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً.
فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ قِيلَ: سُمِّيَ شَهِيدًا لِأَنَّهُ حَيٌّ، وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ.
[وَقِيلَ: لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُ لَهُ] وَقِيلَ: لِقِيَامِهِ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ حَتَّى قُتِلَ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَشْهَدُ مَا أُعِدَّ لَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ بِالْقَتْلِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شَهِدَ لِلَّهِ بِالْوُجُودِ وَالْإِلَهِيَّةِ بِالْفِعْلِ، كَمَا شَهِدَ غَيْرُهُ بِالْقَوْلِ، وَقِيلَ: لِسُقُوطِهِ بِالْأَرْضِ. وَهِيَ الشَّهَادَةُ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شَهِدَ لَهُ بِوُجُوبِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ: مِنْ أَجْلِ شَاهِدِهِ، وَهُوَ دَمُهُ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شَهِدَ لَهُ بِالْإِيمَانِ وَبِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ بِظَاهِرِ حَالِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُشْهَدُ لَهُ بِالْأَمَانِ مِنْ النَّارِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِكَوْنِهِ شَهِيدًا، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ إلَّا مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ عَشَرَ قَوْلًا، ذَكَرَ السَّبْعَةَ الْأُولَى: ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: ابْنُ قُرْقُورٍ فِي الْمَطَالِعِ، وَالْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ: ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَقَالَ: وَبَعْضُ هَذَا يَخْتَصُّ بِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَبَعْضُهَا يَعُمُّ غَيْرَهُ. انْتَهَى. وَلَا يَخْلُو بَعْضُهَا مِنْ نَوْعِ تَدَاخُلٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ، أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا وَلَا أَثَرَ بِهِ) يَعْنِي غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ فَمَاتَ، أَوْ رَفَسَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ مِنْهَا قَالَ الْأَصْحَابُ: وَكَذَا لَوْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَكَذَا مَنْ عَادَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ فِيهَا نَصَّ عَلَيْهِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ: أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى

الصفحة 501