كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

فَوَائِدُ. إحْدَاهُمَا: قِيلَ: إنَّمَا لَمْ يُغَسَّلْ الشَّهِيدُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، لِكَثْرَةِ الشُّهَدَاءِ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ لَمْ يُغَسَّلُوا، وَقِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِئَلَّا يَزُولَ أَثَرُ الْعِبَادَةِ الْمَطْلُوبُ بَقَاؤُهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ قِيلَ: لِأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وَالصَّلَاةُ إنَّمَا شُرِعَتْ فِي حَقِّ الْمَوْتَى، وَقِيلَ: لِغِنَاهُمْ عَنْ الشَّفَاعَةِ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: الشَّهِيدُ غَيْرُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ: بِضْعَةُ عَشَرَ، مُفَرَّقَةٌ فِي الْأَخْبَارِ، وَمِنْ أَغْرَبِهَا «مَوْتُ الْغَرِيبِ: شَهَادَةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْخَلَّالُ مَرْفُوعًا وَأَغْرَبُ مِنْهُ «مَنْ عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا» ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَابْنُ مُنَجَّا، وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ: كَوْنُ الْعِشْقِ شَهَادَةً مُحَالٌ، وَرَدَّهُ فِي الْفُرُوعِ.

تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَإِذَا وُلِدَ السِّقْطُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ) أَنَّهُ لَوْ وُلِدَ لِدُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ: أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ فَقَالَ:
بَعْدَ أَرْبَعِ الشُّهُورِ سِقْطٌ يُغَسَّلُ ... وَصُلِّيَ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ نَقَلُوا
وَعَنْهُ مَتَى بَانَ فِيهِ خَلْقُ الْإِنْسَانِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ.
[وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى] وَجَزَمَ بِهِ فِي، الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَقَالَ: وَقَدْ ضَبَطَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْحَيَاةِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ

الصفحة 504