كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ أَنْ تُنَقَّبَ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا: أَنَّهَا تَسْتُرُ بِالْخِرْقَةِ، وَهُوَ أَنْ يُشَدَّ فِي وَسَطِهَا، ثُمَّ يُؤْخَذُ أُخْرَى فَيُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيْهَا مِمَّا يَلِي ظَهْرَهَا وَالْأُخْرَى مِمَّا يَلِي السُّتْرَةَ، وَيَكُونُ لِجَامُهَا عَلَى الْفَرْجَيْنِ لِيُوقِنَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَمِ خُرُوجِ خَارِجٍ، وَقَالَ: هُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَمْ يَذْكَرْ الْمُصَنِّفُ مَا يُكَفَّنُ بِهِ الْخُنْثَى، وَكَذَا غَيْرُهُ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ كَالْمَرْأَةِ. الثَّانِيَةُ: يُكَفَّنُ الصَّغِيرُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَيَجُوزُ فِي ثَلَاثَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَجْدُ: وَإِنْ وَرِثَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَوْبٍ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ. وَتُكَفَّنُ الصَّغِيرَةُ فِي قَمِيصٍ وَلِفَافَتَيْنِ إنْ كَانَ لَهَا دُونَ تِسْعٍ، وَكَذَا ابْنَةُ تِسْعٍ إلَى الْبُلُوغِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: أَنَّهَا مِثْلُ الْبَالِغَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَتُكَفَّنُ الْجَارِيَةُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ فِي لِفَافَتَيْنِ وَقَمِيصٍ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ، فَقِيلَ عَنْهُ: إنَّهُ الْبُلُوغُ الْمُعْتَادُ، وَقِيلَ وَهُوَ الْأَكْثَرُ عَنْهُ إنَّهُ بُلُوغُ تِسْعِ سِنِينَ. انْتَهَى. وَحَكَاهُمَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا قَوْلُهُ (وَالْوَاجِبُ مِنْ ذَلِكَ: سَتْرُ جَمِيعِهِ) يَعْنِي الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: تَجِبُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: تَجِبُ خَمْسَةٌ، ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْفَصْلِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا وَزِيَادَةً.

الصفحة 514