كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَيَدْعُو فِي الثَّالِثَةِ) يَعْنِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا وَرَدَ، وَمِمَّا وَرَدَ: مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَوَرَدَ غَيْرُهُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ فِي الثَّالِثَةِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: يَدْعُو لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَلِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَاحْتَجَّ الْمَجْدُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ، بَلْ يَجُوزُ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا تَتَعَيَّنُ الثَّالِثَةُ لِلدُّعَاءِ، بَلْ لَوْ أَخَّرَ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ إلَى الرَّابِعَةِ جَازَ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ إلَى آخِرِهِ) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأُنْثَى الصَّغِيرَةِ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: إنْ كَانَ صَغِيرًا زَادَ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِلْخَبَرِ [وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ لِلْخَبَرِ] لَكِنْ زَادَ الدُّعَاءَ لَهُ، وَزَادَ جَمَاعَةٌ: سُؤَالُ الْمَغْفِرَةِ لَهُ، وَفِي الْخِلَافِ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ فِي الصَّبِيِّ الْأَشْبَهُ: أَنَّهُ يُخَالِفُ الْكَبِيرَ فِي الدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي الْفُصُولِ: أَنَّهُ يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ فَالْعُدُولُ إلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ هُوَ الْأَشْبَهُ.
فَوَائِدُ. إحْدَاهَا: إنْ لَمْ يُعْرَفْ إسْلَامُ وَالِدِيهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُمْ فِيمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَمَاتَ أَنَّهُ كَصَغِيرٍ. الثَّانِيَةُ: نَقَلَ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ يُشِيرُ فِي الدُّعَاءِ بِإِصْبَعَيْهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ: لَا بَأْسَ بِالْإِشَارَةِ حَالَ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ نَصَّ عَلَيْهِ

الصفحة 521