كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقِيلَ: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَقَالَ أَيْضًا: كُلٌّ حَسَنٌ، وَذَكَرَ فِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً: وَيَقُولُ أَيُّهُمَا شَاءَ قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ يَقُولُ " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً إلَى آخِرِهِ " أَوْ يَدْعُو. وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَيَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ دُعَاءً يَسِيرًا، وَعَنْهُ يُخْلِصُ الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ فِي الرَّابِعَةِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ قَرِيبًا.
فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَلَا يُسَبِّحُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعُوا بِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ حَرْبٌ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقُولُ (السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) قَوْلُهُ (وَيُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً ثَانِيَةً عَنْ يَسَارِهِ. ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِالثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْبَابٍ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ. قَوْلُهُ (عَلَى يَمِينِهِ) بِلَا نِزَاعٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْأَوْلَى، وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ " هَلْ تَجِبُ: وَرَحْمَةُ اللَّهِ أَمْ لَا؟ ".

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: أَنَّ الْإِمَامَ يَجْهَرُ بِالتَّسْلِيمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: أَنَّهُ يُسِرُّ. انْتَهَى. قُلْت: قَالَ فِي الْمَذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: وَالْهَيْئَاتُ رَفْعُ الْيَدَيْنِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَالْإِخْفَاتُ بِالْأَذْكَارِ مَا عَدَا التَّكْبِيرَةَ، وَالِالْتِفَاتُ فِي التَّسْلِيمِ إلَى الْيَمِينِ

الصفحة 523