كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ الْقَاضِي فِي تَخْرِيجِهِ: إذَا تَفَسَّخَ الْمَيِّتُ فَلَا صَلَاةَ. السَّابِعَةُ: لَوْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ: اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُصَلِّي مَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَى شَهْرٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَقِيلَ: لَا تُجْزِيهِ الصَّلَاةُ بِنِيَّةِ السُّنَّةِ جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي، لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِلُ بِهَا لِيَقْضِيَهَا بِدُخُولِهِ فِيهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَذَكَر الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ بَعْضَ الْأَصْحَابِ ذَكَرَ وَجْهًا: أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، مَعَ سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالْأَوْلَى، وَقَالَ أَيْضًا: فُرُوضُ الْكِفَايَاتِ إذَا قَامَ بِهَا رَجُلٌ سَقَطَتْ، ثُمَّ إذَا فَعَلَ الْكُلُّ ذَلِكَ كَانَ كُلُّهُ فَرْضًا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مَحَلَّ وِفَاقٍ، لَكِنْ يُعْلَمُ إذَا فَعَلُوهُ جَمِيعًا، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي فِعْلِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْبَعْضِ: وَجْهَانِ الثَّامِنَةُ: لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ قَبْلَ الدَّفْنِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، وَسَبَقَ أَنَّهُ كَإِمَامٍ فَيَجِيءُ الْخِلَافُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَصَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ الصِّحَّةَ كَالْمِلْكِيَّةِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ (وَيُصَلِّي عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّيَّةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَعَنْهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُصَلِّي عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ، وَصَاحِبُ النَّظْمِ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْبَلَدِ بِمَا يُعَدُّ الذَّهَابُ إلَيْهِ نَوْعَ سَفَرٍ وَقَالَ: أَقْرَبُ الْحُدُودِ: مَا تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَكْفِي خَمْسُونَ خُطْوَةً.

الصفحة 533