كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

فَائِدَةٌ: مُدَّةُ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ كَمُدَّةِ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: يُصَلِّي عَلَى الْغَائِبِ مُطْلَقًا، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْوَاقِعُ فِي الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ: لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُصَلَّى عَلَيْهِ لِلْمَشَقَّةِ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبْطَلَهُ الْمَجْدُ بِمَشَقَّةِ الْمَرَضِ وَالْمَطَرِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ فِيهَا تَخْرِيجٌ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَلَدُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْبَلَدِ الْكَبِيرِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا الْبَلَدُ الصَّغِيرُ: فَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ فِي جَانِبِهِ بِالنِّيَّةِ، قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْقَائِلُونَ بِالْجَوَازِ قَيَّدَ مُحَقِّقُوهُمْ الْبَلَدَ بِالْكَبِيرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ: الْبَلَدُ الْكَبِيرُ.

فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ الَّذِي كَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ ثَانِيًا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا، وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ (لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

الثَّانِيَةُ: لَا يُصَلَّى مُطْلَقًا عَلَى الْمُفْتَرَسِ الْمَأْكُولِ فِي بَطْنِ السَّبُعِ، وَاَلَّذِي قَدْ اسْتَحَالَ بِاحْتِرَاقِ النَّارِ وَنَحْوِهِمَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: عَلَى الْأَظْهَرِ

الصفحة 534