كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

قَالَ فِي الْفُصُولِ: فَأَمَّا إنْ حَصَلَ فِي بَطْنِ السَّبُعِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ مَعَ مُشَاهَدَةِ السَّبُعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ: يُصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ فَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا تَعَذَّرَ غُسْلُهُ: أَنَّهُ يُيَمَّمُ، وَيُكَفَّنُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَى الْغَالِّ وَلَا مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ) مُرَادُهُ لَا يُسْتَحَبُّ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَحَكَى رِوَايَةً حَكَاهَا فِي الرِّعَايَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ بِلَا رَيْبٍ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: يُصَلَّى عَلَيْهِمَا حَتَّى بَاغٍ وَمُحَارِبٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.

تَنْبِيهَانِ. الْأَوَّلُ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى غَيْرِ الْغَالِّ وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَذَلِكَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: أَهْلُ الْبِدَعِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ، وَعَنْهُ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا.
الثَّانِي: غَيْرُ أَهْلِ الْبِدَعِ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُصَلَّى عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ عَلَى مَعْصِيَةٍ ظَاهِرَةٍ بِلَا تَوْبَةٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَعَنْهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمَحْدُودُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ صَلَّى عَلَى الْغَامِدِيَّةِ.

الصفحة 535