كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ: أَنَّ الشَّارِبَ الَّذِي لَمْ يُحَدَّ كَالْغَالِّ وَقَاتِلِ النَّفْسِ، وَذَكَرَهُ فِي الْكُبْرَى رِوَايَةً، وَعَنْهُ وَلَا عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُخَلِّفْ وَفَاءً، وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. التَّنْبِيهُ الثَّانِي: الْمُرَادُ هُنَا بِالْإِمَامِ: إمَامُ الْقَرْيَةِ، وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، نَقَلَ حَرْبٌ: إمَامُ كُلِّ قَرْيَةٍ وَالِيهَا، وَخَطَّأَهُ الْخَلَّالُ.
قَالَ الْمَجْدُ: وَالصَّوَابُ تَسْوِيَتُهُ فَإِنَّ أَعْظَمَ مُتَوَلٍّ لِلْإِمَامَةِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ يَحْصُلُ بِامْتِنَاعِهِ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ. وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَالَ: هُوَ أَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ نَائِبُهُ.
فَائِدَةٌ: إذَا قُتِلَ الْبَاغِي غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَاطِعُ الطَّرِيقِ: فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَوَّلًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَعَلَيْهِ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَلَّبُ، عَلَى الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقِيلَ: يُصْلَبُ عَقِيبَ الْقَتْلِ، ثُمَّ يُنْزَلُ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْفَنُ [جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْمُحَارِبِينَ] ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَقِيلَ: يُصْلَبُ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَيَأْتِي فِي بَابِ حَدِّ الْمُحَارِبِينَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ الْمَيِّتِ) يَعْنِي تَحْقِيقًا: غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَعْنِي غَيْرَ شَعْرٍ وَظُفُرٍ وَسِنٍّ وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ يَعِيشُ مَعَهُ، كَيَدٍ وَرَجُلٍ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ لَا، كَرَأْسٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ تَبَعًا لِلْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّرْحِ، قَالَ: هُوَ الْمَشْهُورُ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَبَعْضُ الْمَيِّتِ كَكُلِّهِ، وَعَنْهُ لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَوَارِحِ قَالَ الْخَلَّالُ: لَعَلَّهُ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ هُوَ الْأَوَّلُ.

الصفحة 536