كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: أَوَّلُ مَنْ اُتُّخِذَ ذَلِكَ لَهَا زَيْنَبُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَاتَتْ سَنَةَ عِشْرِينَ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا بَأْسَ بِجَعْلِ الْمَكِّيَّةِ عَلَيْهِ وَفَوْقَهَا ثَوْبٌ. انْتَهَى.
وَيُكْرَهُ تَغْطِيَتُهُ بِغَيْرِ الْبَيَاضِ، وَيُسَنُّ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمَا: لَا بَأْسَ بِحَمْلِهَا فِي تَابُوتٍ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ عَلَى النَّعْشِ إلَّا بِمِثْلِهِ كَالْأَحْدَبِ وَنَحْوِهِ قَالَ فِي الْفُصُولِ: الْمُقَطَّعُ تُلَفَّقُ أَعْضَاؤُهُ بِطِينٍ حُرٍّ وَيُغَطَّى حَتَّى لَا يُتَبَيَّنَ تَشْوِيهُهُ، وَقَالَ أَيْضًا: الْوَاجِبُ جَمْعُ أَعْضَائِهِ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَقَبْرٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ وَغَيْرُهُ: يُسْتَحَبُّ شَدُّ النَّعْشِ بِعِمَامَةٍ. انْتَهَى. وَلَا بَأْسَ بِحَمْلِ الطِّفْلِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِحَمْلِ الْمَيِّتِ بِأَعْمِدَةٍ لِلْحَاجَةِ، وَعَلَى دَابَّةٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَيَجُوزُ لِبُعْدِ قَبْرِهِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ.

قَوْلُهُ (يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِهَا) مُرَادُهُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ بِالْإِسْرَاعِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ، فَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَنَّهُ يُسْرَعُ، وَيَكُونُ دُونَ الْخَبَبِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَ الْمَجْدُ: يَمْشِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ الْمَشْيُ الْمُعْتَادُ، وَقَالَ فِي الْمَذْهَبِ: يُسْرِعُ فَوْقَ الْمَشْيِ وَدُونَ الْخَبَبِ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِهَا يَسِيرًا، بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُسَنُّ الْإِسْرَاعُ بِهَا يَسِيرًا قَالَ فِي الْكَافِي: لَا يُفْرِطُ فِي الْإِسْرَاعِ فَيَمْخُضُهَا وَيُؤْذِي مُتَّبِعِيهَا. انْتَهَى. وَكَلَامُهُمْ مُتَقَارِبٌ. فَائِدَةٌ: يُرَاعَى بِالْإِسْرَاعِ الْحَاجَةُ نَصَّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَأَنْ يَكُونُ الْمُشَاةُ أَمَامَهَا) يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَمْشِي حَيْثُ شَاءَ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي: حَيْثُ مَشَى فَحَسَنٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يُكْرَهُ خَلْفَهَا وَحَيْثُ شَاءَ قَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَوْلُهُ (وَالرُّكْبَانُ خَلْفَهَا) يَعْنِي يُسْتَحَبُّ، وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ رَكِبَ وَكَانَ أَمَامَهَا كُرِهَ، قَالَهُ الْمَجْدُ.

الصفحة 541