كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الصَّحْرَاءِ، لِلتَّضْيِيقِ وَالتَّشْبِيهِ بِأَبْنِيَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي مُسَبَّلَةٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ الصَّحْرَاءُ، وَقَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ الْفَاخِرُ كَالْقُبَّةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُهُ لَا بَأْسَ بِبِنَاءٍ، وَعَنْهُ مَنْعُ الْبِنَاءِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: تَحْرُمُ الْحُجْرَةُ، بَلْ تُهْدَمُ، وَحَرُمَ الْفُسْطَاطُ أَيْضًا، وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْفُسْطَاطَ وَالْخَيْمَةَ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ بَنَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِيهَا، فَهُوَ غَاصِبٌ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِ فِي مِلْكِهِ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: الْقُبَّةُ وَالْحَظِيرَةُ وَالتُّرْبَةُ، إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَعَلَ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ فِي مُسَبَّلَةٍ كُرِهَ لِلتَّضْيِيقِ بِلَا فَائِدَةٍ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالًا لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ.

قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ وَالِاتِّكَاءُ إلَيْهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَكَرَاهَةُ الْمَشْيِ فِي الْمَقَابِرِ بِالنَّعْلَيْنِ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا، وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَهُ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ: لَهُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ لِيُصَلِّ إلَى مَنْ يَزُورُهُ لِلْحَاجَةِ، وَفَعَلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ: يُكْرَهُ دَوْسُهُ وَتَخَطِّيهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، يُكْرَهُ دَوْسُهُ، وَلَمْ يَكْرَهْ الْآجُرِّيُّ تَوَسُّدُهُ لِفِعْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، رَوَاهُ مَالِكٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْجُلُوسِ.

فَائِدَةٌ: لَا يَجُوزُ التَّخَلِّي عَلَيْهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ فِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ: يُكْرَهُ التَّخَلِّي، قُلْت: فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمَ، وَإِلَّا فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَيُكْرَهُ التَّخَلِّي بَيْنَهَا، وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، زَادَ حَرْبٌ: كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: حُرْمَتُهُ ثَابِتَةٌ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ مِنْ جَمِيعِ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ أَنْ يَنَالَ بِهِ، كَتَقْرِيبِ النَّجَاسَةِ مِنْهُ. انْتَهَى.

الصفحة 550