كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: مَنْ حَجَّ نَفْلًا عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَمَّنْ حَجَّ لِعَدَمِ إذْنِهِ.
فَائِدَةٌ: نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ثُمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ إنَّ فَضْلَهُ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ يَعْنِي ثَوَابَهُ وَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ " اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ أَثَبْتَنِي عَلَى هَذَا، فَقَدْ جَعَلْتُ ثَوَابَهُ أَوْ مَا تَشَاءُ مِنْهُ لِفُلَانٍ " لِأَنَّهُ قَدْ يَتَخَلَّفُ فَلَا يَتَحَكَّمُ عَلَى اللَّهِ وَقَالَ الْمَجْدُ: مَنْ سَأَلَ الثَّوَابَ ثُمَّ أَهْدَاهُ، كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ أَثِبْنِي عَلَى عَمَلِي هَذَا أَحْسَنَ الثَّوَابِ، وَاجْعَلْهُ لِفُلَانٍ كَانَ أَحْسَنَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ قَبْلَ فِعْلِ الْقُرْبَةِ [وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ قَبْلَ فِعْلِ الْقُرْبَةِ] وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَتَقَدَّمَ نِيَّةٌ ذَلِكَ وَتُقَارِنُهُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْإِهْدَاءِ وَنَقْلِ الثَّوَابِ: أَنْ يَنْوِيَ الْمَيِّتَ بِهِ ابْتِدَاءً، كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَعْدَهُ فَهُوَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ لَا وَجْهَ لَهُ، فِي أَثَرٍ لَهُ وَلَا نَظَرٍ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ الْقُرْبَةُ عَنْ الْمَيِّتِ ابْتِدَاءً بِالنِّيَّةِ لَهُ: فَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ثَوَابُ الْقُرْآنِ يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْإِهْدَاءُ فَظَاهِرُهُ عَدَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ فِي التَّبْصِرَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: قَالَ حَنْبَلُ: يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مِنْ الْأَعْمَالِ لَا يَحْصُلُ لِلْمُسْتَنِيبِ إلَّا بِالنِّيَّةِ مِنْ النَّائِبِ قَبْلَ الْفَرَاغِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " وَأَيُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا، وَجَعَلَهَا لِلْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذَلِكَ " وَكَذَا لَوْ أَهْدَى بَعْضَهُ كَنِصْفِهِ، أَوْ ثُلُثِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ.

الصفحة 559