كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 2)

فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، لَا تَفَقُّهًا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ فِي النُّكَتِ: فَيُعَزَّى الْإِنْسَانُ فِي رَفِيقِهِ وَصَدِيقِهِ وَنَحْوِهِمَا، كَمَا يُعَزَّى فِي قَرِيبِهِ، وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا اخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ مَا يُعْجِبُنِي، وَعَنْهُ الرُّخْصَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ قَالَ الْخَلَّالُ: سَهَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقِيلَ: يُبَاحُ ثَلَاثًا كَالنَّعْيِ، وَنُقِلَ عَنْهُ الْمَنْعُ مِنْهُ، وَعَنْهُ الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ أَبِي حَفْصٍ.
وَعَنْهُ الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَلِغَيْرِهِمْ، خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَمَّا وَالْمَيِّتُ عِنْدَهُمْ: فَأَكْرَهُهُ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَمْنَعْ أَهْلَهُ، وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ، لِأَنَّ فِيهِ تَهْيِيجًا لِلْحُزْنِ.
فَائِدَةٌ: لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ، لِيَتْبَعَ الْجِنَازَةَ، أَوْ يَخْرُجَ وَلِيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ فَعَلَهُ السَّلَفُ.

قَوْلُهُ (وَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك) ، وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ. بَلْ إنْ شَاءَ، قَالَهُ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ عَزَّى الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَجُلًا، فَقَالَ " آجَرَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ، فِي هَذَا الرَّجُلِ " وَعَزَّى أَبَا طَالِبٍ فَقَالَ " أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكُمْ " قَوْلُهُ (وَفِي تَعْزِيَةٍ عَنْ كَافِرٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) يَعْنِي إذَا عَزَّى مُسْلِمٌ مُسْلِمًا عَنْ مَيِّتٍ كَافِرٍ فَأَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ

الصفحة 565