كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

"من" كل عاقل (لما صح) الاستثناء لأنه لا يستثني من الشيء إلا ما دخل تحته.
فإن قيل: إنما يصح الاستثناء لصلاح اللفظ لكل واحد من الناس ومن العقلاء.
قلنا: هذا لا يصح لأن الاستثناء لا يخرج إلا ما دخل تحت اللفظ لأنه إخراج جزء من كل، كذا ذكر أهل اللغة، وما يصلح لذلك ما دخل تحته.
جواب آخر: لو جاز ذلك لجاز أن يقول القائل لغيره: اضرب رجالاً إلا زيداً، ويجري في الصحة (والحسن) مجرى قوله: من دخل داري ضربته إلا زيداً، لأنه يصلح دخول كل رجل تحت قوله اضرب رجالاً، فلما (قالوا: إن قوله اضرب رجالاً إلا زيداً، إلا بمعنى ليس كأنه) قال: ليس زيد منهم، وقالوا في قوله: من دخل داري ضربته إلا زيداً استثناء حقيقي دل على أن الاستثناء لا يكون لما يصلح دخوله تحت اللفظ وإنما يكون لما دخل تحت اللفظ (لا به). ويدل على أن الاستثناء أن يخرج ما لولاه (لصلح دخول) تحت اللفظ، فإنه لو حسن ذلك لجاز لقائل أن يقول:

الصفحة 21