كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

قلنا: العرب لا تعرف التعليل، وإنما قالوا: (يقتضي جميعهم بمقتضى اللفظ وأنه للتعريف والتعريف للجنس يستغرق).
وأيضاً فإنهم أكدوا بكلهم وجميعهم، ولو كان قولهم: "الناس" لا يفيد الاستغراق، بل يعبر به عن البعض والكل حقيقة فيهما لكان قوله: "كلهم" و"جميعهم" بياناً لأحد المحتملين لا تأكيداً، وقد أجمعوا على أنه ليس ببيان بل (هو) تأكيد.
فإن قيل: من أين معكم أن الجميع اتفقوا على ذلك؟
قلنا: لأنه لو وصفه بعضهم بأنه بيان ومنع من وصفه بأنه تأكيد لنقل ذلك وعرف.
فإن قيل: إنما كان تأكيداً لأن بقوله: "كلهم" علمنا أن قوله "الناس" أراد به الاستغراق، وأكدوا بكل وجميع.
قلنا: فإذا العلم حصل بلفظة "كلهم" فصار بياناً لا تأكيداً، ألا ترى أنهم إذا قالوا: الشفق ثم (قالوا): الأحمر، جعلوا الأحمر وصفاً وبياناً، لا تأكيداً، لأن لفظة "الشفق" مشترك بين البياض والحمرة، وكذلك القرء، إذا قال: هو الحيض، كان ذلك بياناً لا تأكيداً، فلما علمنا أن قولهم: رأيت الناس كلهم أن كلهم تأكيد بإجماعهم دل على أن الناس يستغرق كل إنسان.
٥٢٩ - دليل ثان: أنه تعين أن تستثني من قولك: رأيت

الصفحة 46