كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} فأخبر أنه لا سلطان له على الغاوين (أيضاً) فدل على أن معناه: لكن من اتبعك من الغاوين/٥٧ ب وإن جهنم لموعدهم أجمعين.
جواب ثالث: لو ثبت أنه أريد به الاستثناء لم يدل على أن أحد الفريقين أكثر من الآخر لجواز أن يكونا سواء.
جواب رابع: لو ثبت أن أحد الفريقين أكثر (من الآخر)، وأنه استثناء. لم يكن قد استثنى إلا الأقل في الموضعين لأن إبليس قال: {لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} يعني ولد آدم (فلهذا) قال: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَاّ قَلِيلاً} ثم استثنى، فقال إلا عبادك منهم المخلصين وهم القليل المذكور ولهذا قيده بمنهم وقال: إلا عبادك منهم. فدل على ما قلنا.
وأما الآية الأخرى فإنه قال سبحانه: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فأضاف العباد إليه مطلقاً، وذلك يقع على كل عبد له من ملك وآدمي وجنى ثم قال: {إِلَاّ مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ}
الصفحة 79
523