كتاب التمهيد في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)
٥٩٧ - احتجوا بأن ذلك مستعمل في اللغة، والاستعمال يدل على الحقيقة، قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَاّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ} وقال تعالى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ}.
الجواب: أن أبا بكر من أصحابنا قال: إبليس من الملائكة، وحكى ذلك عن ابن عباس.
وقوله: "إلا إبليس كان من الجن" فيحتمل أنه كان من الملائكة المسيحين كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} يريد الملائكة وقيل إنه كان من خزان الجنان فسمى من الجن، ويحتمل أن يكون ذلك على وجه المجاز، وفي المستثنى إضمار كأنه قال تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ} ومن أمر بالسجود إلا إبليس.
وأما الآية الأخرى فهي استثناء منفصل بمعنى لكن رب العالمين، وقد ترد (إلا) بمعنى لكن قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَاّ خَطَأً}، والخطأ لا يجوز
الصفحة 87
523