كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

قدرتِه (جل وعلا)؛ ولذا قال: {إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ}.
{ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} معناه: عندما يَبْدُو وَيَطْلُعُ.
والينعُ: تقول العربُ: «يَنَعَ الثمرُ، يَيْنَعُ، ويَينِعُ يَنْعًا، فهو يَانِعٌ» إذا نَضِجَ وأدركَ وصارَ صَالِحًا للأَكْلِ (¬1). معناه: انْظُرُوهُ عندَ حالتِه الأُولَى، وانظروه عندَ يَنْعِهِ. أي: طِيبِهِ، وَنُضْجِهِ، وإدراكِه صَالِحًا للأكل، تعرفونَ بذلك أن الذي نقلَه من الطَّوْرِ الأولِ عندما يثمر إلى الحالةِ التي أَيْنَعَ فيها وصارَ صَالِحًا للأكل تعلمونَ أن ذلك فِعْلُ عَلِيمٍ قديرٍ عظيمٍ، هو رَبُّ كُلِّ شيءٍ، ومعبودُ كُلِّ شَيْءٍ؛ ولذا قال: {إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
[12/أ] / {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (104)} [الأنعام: الآيات 100 - 104].
يقول الله جل وعلا: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100)}. [الأنعام: آية 100].
قرأ هذا الحرفَ عامةُ القراءِ ما عدا نافعًا: {وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ} بتخفيفِ الراءِ. وقرأه نافعٌ وحدَه: {وَخَرَّقُوا} بتشديدِ
¬_________
(¬1) انظر: ابن جرير (11/ 581)، القرطبي (7/ 50)، الدر المصون (5/ 82).

الصفحة 33