كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [النور: آية 11].
وَلَمَّا قالت لها أُمُّهَا - لَمَّا نَزَلَتْ براءتُها في بيتِ أبي بكرٍ -: قُومِي إليه فَاحْمَدَيْهِ. قالت (رضي الله عنها): وَاللَّهِ لاَ أحمدُه اليومَ، ولا أحمدُ اليومَ إِلاَّ اللَّهَ؛ لأنه هو الذي بَرَّأَنِي، فهو (صلواتُ الله وسلامُه عليه) لَمْ يُبَرِّئْنِي (¬1).
وَهَذَا نَبِيُّ اللَّهِ إبراهيمُ - وهو هو - مع ما أعطاه اللَّهُ من المكانةِ {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: آية 124]، وَشَهِدَ له اللَّهُ الشهاداتِ العظيمةَ {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37)} [النجم: آية 37]، {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: آية 124] وَقِيلَ للنبيِّ - وهو هو - (صلواتُ الله وسلامُه عليه): {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: آية 123] ذَبَحَ عِجْلَهُ، وَتَعِبَ هو وامرأتُه في إنضاجِ العجلِ، ولم يَدْرِ أن ضيفَه ملائكةٌ حتى قدَّم العجلَ المُنْضَجَ إلى الملائكةِ، وَلَمَّا رآهم لا يَمُدُّونَ إليه أيديَهم نَكِرَهمْ وَخَافَ منهم، كما قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} [هود: آية 70]، وصرَّح لهم في سورةِ الْحِجْرِ بأنه خائفٌ منهم {فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52)} [الحجر: آية 52] أي: خائفونَ منكم، ولم يَدْرِ حقيقةَ الأمرِ حتى سألهم: {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ (58)} (¬2) [الحجر: الآيتان 57، 58] ( ... ) (¬3).
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (59) من سورة الأنعام.
(¬2) في هذا الموضع وقع انقطاع في التسجيل.
(¬3) سيأتي نحو هذا البسط عند تفسير الآية (38) من سورة الأعراف، والآية (30) من سورة التوبة.

الصفحة 40