كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

(هَلُمَّ) - فيها خلاف، هل هي مفردة، أو مركبة؟ لا يعنينا بحثه الآن. وهي فيها لغتان (¬1):
لغة الحجازيين التي نزل بها القرآن: أن لفظة (هَلُمَّ) اسم فعل لا فعل أمر؛ ولذا إذا خاطبوا الأنثى قالوا لها: «هَلُمَّ يا فلانة». ولم يقولوا: «هَلُمِّي» بياء المؤنثة. فيقول الحجازيون للذَّكر الواحد: «هَلُمَّ» وللذَّكَرين: «هَلُمَّ». وللذكور: «هَلُمَّ». وللإناث: «هَلُمَّ» فهي اسم فعل، وهي لغة القرآن؛ لأن المخاطب هنا جماعة، والأصل لو مشى على لغة التميميين من النجديين لقال: «هَلُمُّوا شهداءكم».
أما لغة التميميين، وبعض القبائل النجديين: فـ (هَلُمَّ) فعل أمر لا اسم فعل؛ لأنهم يقولون للجماعة: «هَلُمُّوا» وللاثنين: «هَلُمَّا» وللأنثى: «هَلُمِّي» فإذا قالوا لها: «هَلُمِّي» دخلتها ياء المؤنثة المخاطبة، وهي من علامات الأفعال، كما قال في الخلاصة (¬2):
(بتَا فَعَلْتَ، وَأَتَتْ، وَيَا افْعَلِي) ... .............................

فهي في لغة الحجازيين اسم فعل، وفي لغة التميميين وبعض القبائل النجديين فعل أمر، ويظهر الفرق في كونها اسم فعل، وبين كونها فعل أمر: أنها إن كانت فعل أمر اتصلت بها ضمائر المخاطبين، نحو: (هلموا) للرجال و (هَلُمُمْنَ) للنساء، و (هَلُمَّا) للاثنين، و (هَلُمِّي) للواحدة، والقرآن جاء فيها على لغة الحجازيين، أنها اسم فعل لا فعل أمر.
¬_________
(¬1) انظر: القرطبي (7/ 129)، الكليات: ص 959، القاموس (مادة الهليم) 1511، الدر المصون (5/ 211)، معجم الإعراب والإملاء ص 438.
(¬2) الخلاصة ص 9.

الصفحة 438