كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الصفات، ومن أمثلة هذا في كلام العرب: قول الشاعر (¬1):
إِلَى السَّيِّدِ القَرْمِِ وِابْنِ الهُمَامِ ... وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي المُزْدَحَمْ

وهو واحد. ومن أمثلته الواضحة في القرآن -غير هذا الموضع- قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمرْعَى (4)} [الأعلى: الآيات 1 - 4] وهو واحد (جل وعلا)، وإنما عطف بعضها على بعض لِتَغَايُرِ الصِّفَاتِ، وهذا هو التحقيق، أنهما طائفة واحدة، تغايرت صفاتها فعُطفت على نفسها نظراً لتغاير الصفات، كما قَرَّرْنَا.
والأهواء: جمع (هوًى) بفتحتين، وألفه مبدلة من (ياء)؛ لأن أصله (هَوَيٌ) على وزن (فَعَل) والياء المتطرفة بعد ألف زائدة يجوز إبدالها همزة، كما هو معروف في فن التصريف (¬2).
والهوى: ميل النفس، وأكثر ما يُستعمل في ميلها إلى ما لا ينبغي (¬3)، وهو المُراد هنا؛ أي: لا تتبع مهوياتهم الزائغة؛ من الإشراك بالله، وتحريم ما أحل الله، وجَعْل بعض الأرزاق التي خلقها الله للأصنام، لا تتبع مهوياتهم في شيء من ذلك.
{وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} فهم جامعون بين التكذيب بالقرآن والتكذيب بالبعث والآخرة -عياذاً بالله- وقد صرح (جل وعلا) بأن المكذب بالبعث أنه من أهل النار الذين يُجَرُّون بالسلاسل في أعناقهم في غير ما آية، مِنْ أصْرَحِهَا آية
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (54) من سورة البقرة. وصدره: «إلى الملك ... ».
(¬2) مضى عند تفسير الآية (56) من سورة الأنعام.
(¬3) السابق.

الصفحة 442