كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) وَلَا تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} [الأنعام: الآيات 151 - 153].
يقول الله جل وعلا: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: آية 151] كان بعض السلف يقولون: من سرّه أن ينظر إلى وصيّة محمد - صلى الله عليه وسلم - عليها خاتمها لم يُفك فليقرأ هذه الآيات الثلاث من سورة الأنعام: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} إلى قوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬1) وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن هذه الآيات الثلاث من سورة الأنعام هي المحكمات المذكورات في آل عمران {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} (¬2)
[آل عمران: آية 7] لم ينسخ الله حكماً من أحكامها في شريعة من الشرائع قط، بل أحكامها مثبتة في جميع التشاريع السماوية منذ خلق الله الدنيا، فهي محكمات؛ ولذا قال ابن عباس: إنها المذكورة في قوله: {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} كما قدمنا في آل عمران.
¬_________
(¬1) أخرجه الترمذي في التفسير، باب: ومن سورة الأنعام، رقم: (3070)، (5/ 264)، والطبراني في الكبير (10/ 114)، والأوسط (2/ 43)، والبيهقي في الشعب (14/ 63 - 64)، وابن أبي حاتم في التفسير (5/ 1414)، وابن جرير في التفسير (12/ 227 - 228)، وذكره السيوطي في الدر (3/ 54) وعزاه للترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الشعب من قول ابن مسعود (رضي الله عنه). وقد أخرج ابن جرير (12/ 227)، نحوه عن الربيع بن خثيم. وذكره السيوطي في الدر (3/ 54) وعزاه لعبد بن حُميد، وأبي عبيد، وابن المنذر.
(¬2) أخرجه ابن جرير (12/ 226)، والحاكم في المستدرك (2/ 288) وصححه، ووافقه الذهبي. وأخرجه أيضاً بإسناد آخر (2/ 317) وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» اهـ. ووافقه الذهبي، كما أخرجه ابن أبي حاتم (5/ 1414) ..

الصفحة 445