كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

وهذه الآيات تضمنت أصول الشرائع من عقائد ومعاملات واجتماعيات، كما سيأتي إيضاحه في محله.
قل لهم يا نبيّ الله، الظاهر أنه خطاب لجميع الخلق، وإن كان الكلام السابق مع المشركين، قل لجميع البشر الذين أُرسلت إليهم: {تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} (تعال) التحقيق أن (تعال، وهات) فعلا أمر، وغلط فيهما جماعة من علماء العربية [فزعموا] (¬1) أنهما اسما فعل (¬2)، والدليل على أن (هات) و (تعال) فعلا أمر: أنهما تلحقهما ياء المؤنثة المخاطبة، وياء المؤنثة المخاطبة من علامات الأفعال، ولا تلحق أسماء الأفعال، فالعرب تقول للأنثى: «تعَالَيْ يا فلانة» بياء المؤنثة المخاطبة، ومنه قول نابغة ذبيان (¬3):
فَقُلْتُ: تَعَالَيْ نَجْعَلِ اللهَ بَيْنَنَا ... عَلَى مَا لَنَا، أَوْ تُنْجِزِي ليَ آخِرَهْ

وكذلك (هات) فالعرب تقول للذكر: (هاتِ) بلا ياء، وللأنثى: (هاتي) بياء المؤنثة المخاطبة، فدلَّ أيضاً على أن (هات) كـ: (تعال) فعل أمر لا اسم فعل، خلافاً لمن زعم ذلك، ومن دخول ياء المؤنثة المخاطبة على (هات) قول امرئ القيس (¬4):
إِذَا قُلْتُ هَاتِي نَوِّليني تَمَايَلَتْ ... عَلَيَّ هَضِيم الْكَشْحِ ريَّا المُخَلْخَلِ
وهذه الكلمة أصلها خاص، ثم صار استعمالها عامّاً؛ لأن أصل (تعال) يقولها الذي هو مرتفع إلى من هو أسفل منه، فيقول له:
¬_________
(¬1) في الأصل: «فزعما».
(¬2) انظر: التوضيح والتكميل (1/ 20).
(¬3) ديوان النابغة ص (121) وصدره: «فقال».
(¬4) ديوان امرئ القيس ص (115).

الصفحة 446