كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

فقد حرمته (¬1)، ومن إطلاقه بمعناه الشرعي: قوله هنا: {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} فهو تحريم شَرْعِيٌّ، ومن إطلاق التحريم بمعناه اللغوي في القرآن: قوله في بني إسرائيل وهم في التِّيْه، قال: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [المائدة: آية 26] فإنه تحريم كوني قَدَري؛ لأن الله منعهم إياه، لا تحريم شَرْعِيّ على التحقيق، ومن إطلاق العرب التحريم على التحريم بمعنى المنع لا بمعنى الشرع: قول امرئ القيس (¬2):
جَالَتْ لتَصْرَعُنِي فقُلتُ لهَا اقْصُرِي ... إِنِّي امْرُؤٌ صَرْعِي عَلَيْكِ حَرَامُ
أي: لا تَقْدِرينَ عَلَيْه، ومنه: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)} [الأنبياء: الآية 95] فهو من التحريم الكوني القدري لا الشرعي، ومنه قول الشاعر (¬3):
حَرَامٌ عَلَى عَيْنَيَّ أَنْ تَطْعَمَا الكَرَى ... وَأَنْ تُرْقَآ حَتَّى أُلَاقِيْكِ يَا هِنْدُ

والتحريم هنا (¬4) شرعي.
{عَلَيْكُمْ} في قوله: {عَلَيْكُمْ} وجهان (¬5):
¬_________
(¬1) انظر: المقاييس في اللغة (كتاب الحاء، باب الحاء والراء وما يثلثهما) ص (256)، المصباح المنير (مادة: حرم) 51.
(¬2) ديوان امرئ القيس ص (157).
(¬3) البيت في الكشاف (2/ 65)، مشاهد الإنصاف ملحق في آخر الكشاف ص (29)، البحر المحيط (4/ 305)، الدر المصون (5/ 335).
(¬4) يعني في آية الأنعام.
(¬5) انظر: القرطبي (7/ 131)، البحر المحيط، (4/ 249)، الدر المصون (5/ 213).

الصفحة 449