كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

أحدهما: أنه يتعلق بـ {حَرَّمَ}، (حرمه عليكم) أو يتعلق بـ {أَتْلُ} أتلو عليكم ما حرم ربكم.
والثاني: سيأتي في الجواب عن الأشكال الذي في لفظة (لا) من قوله: {أَلَّا تُشْرِكُواْ}.
و {رَبُّكُمْ} معناه: سيدكم وخالقكم المدبر لشؤونكم.
وقوله: {أَلَّا تُشْرِكُواْ} بدأ هذه الوصية بعدم الإشراك بالله؛ لأن إخلاص العبادة لله وعدم الإشراك به هذا رأس الأمر، وهو الذي بعث الله جميع الرسل من أجله، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل والأمم، والله قد أوضح في كتابه ذلك إجمالاً وتفصيلاً، قال على سبيل الإجمال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً} بِمَ بعثنا؟ {أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل: آية 36]، وقوله: {أَنِ اعْبُدُواْ اللهَ} هو حظ الإثبات من (لا إله إلا الله)، {وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} هو حظ النفي من (لا إله إلا الله)، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا يُوْحى إِلَيْهِ}، وفي القراءة الأخرى: {إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ} (¬1) {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: آية 25]، وقوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)} [الزخرف: آية 45] هذه الآيات الإجمالية ونظائرها في القرآن.
أما التفصيل: فإنَّا إذا نظرنا إلى دعاوى الرسل وقصصهم مع أممهم وجدنا هذا هو دعوة كل نبي (¬2)، فأول من بُعث بعد الكفر في الأرض: نوح، يقول الله فيه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ} ماذا قال
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران ص 301.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (65) من سورة الأعراف.

الصفحة 450