كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

من أشهرها: حديث أبي ذر الثابت في الصحيحين: «مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئاً دَخَلَ الجَنَّةَ»، قال: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» قال: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». حتى قال في الثالثة: «وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ»، وكان أبو ذر إذا حدَّث بالحديث يقول: «وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ» (¬1).
والعبد إذا لقي ربه بقراب الأرض ذنوباً ولم يشرك به شيئاً لقيه بقرابها مغفرة. وهو يقول في محكم كتابه: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: آية 48]، وفي بعض الروايات عن سبب إسلام الوحشي -وإن زعم قوم أنها غير ثابتة، إلا أنها ذكرها بعض العلماء- أن الوحشي عبد جبير بن مطعم لما قال له: إن قتلت عم محمد - صلى الله عليه وسلم - يعني حمزة- بعمي طُعَيْمَة بن عدي الذي قتله يوم بدر فأنت حر، وحضر الوحشي -وأصله عبد حبشي مملوك لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف- أُحداً لا يريد إلا حمزة؛ لأجل أن يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ، فأخذ حربة حبشية ذات حدَّين، وكمن في صَخْرَة من صخرات سَفْح جبل أُحد، حتى رأى حمزة، فرماه فأصابه في ثُنَّتِه تحت السرة فخر صريعاً (رضي الله عنه وأرضاه)، بعد أن قتل حمزة لم يف له سيده بوعده بالعتق، فغاضب سيده، وهَمَّ أن يأتي النبي ويُسْلم، زعموا في هذه
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في الجنائز، باب في الجنائز، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله. حديث رقم: (1237)، (3/ 110) وأخرجه في مواضع أُخرى، انظر الأحاديث: (1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 7487). ومسلم في الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة. حديث رقم: (94)، (1/ 94).

الصفحة 452