كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

القصة أنه كاتَبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا محمد -صلوات الله وسلامه عليه- إني أردت الدخول في دينك فمَنَعَتْنِي آية مما أُنزل عليك، قَنَّطَتني من رحمة الله، وهي قول ربك: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69)} [الفرقان: الآيتان 68،69] قال: ربك صادق لا يكذب، وقد قال: إن من فعل هذه الثلاث إنه يلقى العذاب ويخلد فيه مهاناً، فإذاً لا فائدة لي في الإسلام، ولا طمع لي في الخير بعد أن فعلت الثلاثة -يعني نفسه البعيد- قالوا: فأنزل الله: {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: آية 70] زعموا أن النبي بعث بها إليه، وأنه لما نظرها رد إليه الجواب وقال: ربك يقول: {وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً} فهذه علي شَرْط قوي، ومن يقدر على العمل الصالح؟ فقد لا أقوم بهذا الشرط، فأنزل الله: {إِنَّ
اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: آية 48] فأرسل إليه بها، فلما تأملها قال: هو يعلق على مشيئته، يقول: {لِمَن يَشَاءُ} ومن هو الضامن والكفيل لي أنه يشاء؟ فأرسل بها إليه، فأنزل الله {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)} [الزمر: آية 53] قالوا: فتأملها، فقال: أما هذه فنعم، وأسلم (¬1).
¬_________
(¬1) أخرجه بهذا السياق: الطبراني في الكبير (11/ 197)، ح (11481)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (62/ 413)، وانظر: مختصر ابن منظور (26/ 262 - 263) عن ابن عباس (رضي الله عنهما)، وعزاه الهيثمي في المجمع (7/ 101) للطبراني في الأوسط، وقال: «وفيه أبين بن سفيان ضَعَّفَهُ الذَّهَبِي» اهـ كما أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص (336)، وقد أورده السيوطي في أسباب النزول ص (245) وأشار لضعفه.
كما ذكر نحوه (مختصراً) في الدر المنثور (5/ 78) عن سعيد بن جبير مرسلاً، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
وأخرج ابن جرير (24/ 14) نحوه مختصراً عن عطاء بن يسار مرسلاً.

الصفحة 453