كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

إِنَّكِ لَوْ شَهَدْتِ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ ... إِذْ فَرَّ صَفْوَانُ وفَرَّ عِكْرمهْ ...
وأَبو يزيدَ قائمٌ كالمُؤْتِمَهْ ... وَاسْتَقْبَلَتْنَا بِالسُّيُوفِ المُسْلِمَهْ ...
لَهمْ نَهِيتٌ خَلْفَنَا وَهَمْهَمَهْ ... يَقطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وجُمْجُمَهْ ...
ضَرْباً فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا غَمْغَمَهْ ... لَمْ تَنْطِقِي بِاللَّوْمِ أَدْنَى كَلِمَهْ

كان عكرمة بالغاً هذا من معاداة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة، وعرف عكرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اسْتَتَبَّ لَهُ الأمر في مكة، فرَّ هارباً إلى الحبشة بغضاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فَرَكِبَ في سفينة في البحر الأحمر ذاهباً إلى الحبشة، فلمَّا تَوَسَّطَتْ بهم بطن البحر الأحمر هاجت عليهم عواصف الريح، وهاجت عليهم الأمواج، وأيقنوا بالهلاك، فإذا جميع من في السفينة ينادي بعضهم بعضاً من أطراف السفينة؛ احذروا في هذا الوقت أن تدعوا غير الله لئلا تهلكوا؛ لأنه لا ينقذ من هذه الكروب والأهوال إلا هو وحده (جل وعلا)، فجاءت في رأس عكرمة، ثم قال: والله إن كان لا ينجي من ظلمات البحر إلا هو فلا ينجي في كربات البر إلا هو، ثم قال: اللهم لَكَ عليَّ عهد إن أنْقَذْتَنِي من هذه فلأضَعَنَّ يَدِي في يد محمد - صلى الله عليه وسلم - فلأجدنَّه رؤوفاً رحيماً.
وعلى كل حال فإِخْلَاص حقوق الله لله مرضاة لله، ومرضاة للرسول، وإقرار لعين الرسول، واتباع له وتعظيم، وعمل بالعلم والقرآن. وهذا مما ننصح به أنفسنا وإخواننا على ضوء كتاب الله تعالى.

الصفحة 459