كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

لأن الحور هو الهلكة معنى، والمقصود: في بير هلكة وقع، و (لا) زائدة، والكلام هنا ليس فيه معنى الجحد.
وأنشد الأصمعي لزيادة (لا) لتقوية الكلام في الكلام الذي ليس فيه معنى الجحد قول ساعدة بن جؤية الهذلي (¬1):
أَفَعَنْكَ لَا بَرْقٌ كَأَنَّ وَمِيضَهُ ... غَابٌ تَسَنَّمَهُ قِرَابٌ مُثْقَبُ

يعني: أَفَعَنْكَ بَرْقٌ، كما هو معروف. وأنْشَدَ بعضهم له قول الآخر (¬2):
تَذَكَّرْتُ لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَةٌ ... وَكَادَ صَميمُ الْقَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ

أي: كاد يتقطع. قالوا: هذا أُسلوب معروف، و (لا) هنا صلة دل المقام عليها، وهي تفيد تقوية الكلام، والنهي عن الشرك. هذا قول بعض العلماء.
وقال بعض العلماء: (أنْ) هنا تفسيرية. وهو التحقيق، وهي مُفَسَّرَةٌ لـ {حَرَّمَ} (¬3)، وإذا فسرنا التحريم كان {أَلَّا تُشْرِكُواْ} هو معنى التحريم؛ لأن {أَلَّا تُشْرِكُواْ} هو معنى تحريم الشرك. وضابط (أنْ) التفسيرية عند علماء العربية: أن تتقدمها جملة فيها معنى القول وليس فيها حروف القول (¬4)، فتكون (أَنْ) مفسرة للتحريم، وما بعدها هو تفسير التحريم؛ لأن النهي عن الشرك هو معنى تحريم الشرك بعينه،
¬_________
(¬1) مضى عند تفسير الآية (109) من هذه السورة.
(¬2) مضى عند تفسير الآية (109) من هذه السورة، وفيه: «وكاد ضمير ... ».
(¬3) انظر: البحر المحيط (4/ 249)، الدر المصون (5/ 213).
(¬4) انظر: البحر المحيط (4/ 250)، الدر المصون (5/ 213)، الكليات ص 193، معجم الإعراب والإملاء ص 88.

الصفحة 463