كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

لك مائة نفس ومتِّ مائة موتة بكل نفس من تلك الأنفس فإني لا أرجع عن دين الإسلام أبداً، إن شئت فكُلي وإن شئت فموتي! فأنزل الله: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت: آية 8] ثم قال (¬1): {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} (¬2) [لقمان: آية 15] فأمره بأن يصاحبهما بالمعروف وهما كافران، فما بالك بالمُؤمِنَين؟!
وقد جاء عن بعض العلماء أن سبب نزول الآية التي في سورة الممتحنة: {لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: آية 8] أن أسماءَ بنت أبي بكر (رضي الله عنها) ليست شقيقة عائشة وعبد الرحمن؛ لأن عائشة وعبد الرحمن شقيقان، أمهما أم رومان الفراسية من بني فراس، من بطون كنانة، وأسماء أمها امرأة أُخرى تسمى: قَيْلَة، وقد جاءت إلى المدينة زائرة ابنتها أسماء، والأم كافرة، فما رضيت أسماء أن تُنزل أمها حتى تستشير النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع أنها جاءت زائرة! ومعها هدايا من هدايا البادية، فأمرها النبي أن تنزلها وتحسن إليها (¬3). قال بعض العلماء:
¬_________
(¬1) هذه ليست من آية العنكبوت كما لا يخفى، وإنما هي من سورة لقمان. وقد جاء في بعض الروايات ما يدل على أن الآيتين نزلتا فيه.
(¬2) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه)، حديث رقم: (1748)، (4/ 1877).
(¬3) البخاري في الهبة، باب الهدية للمشركين، حديث رقم: (2620)، (5/ 233)، وأخرجه في مواضع أخرى، انظر الأحاديث: (3183، 5978، 5979)، ومسلم في الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين ... ، حديث رقم: (1003)، (2/ 696).

الصفحة 467