كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

بعشرة إلى شوال، ثم شراءها بعشرين إلى جمادى، فترجع السلعة إلى موضعها، فكأنها لم تخرج، فيؤول الحال إلى أن يستلم عشرة في شوال، ثم يأخذ عوضاً عنها عشرين في جمادى، فهذا ذريعة إلى الربا يجب أن تسد، فهذه هي الواسطة المُختَلَف فيها، فالشافعي وأصحابه وزيد بن أرقم من الصحابة يرون جواز مثل هذا، وأن هذه ذريعة لا يجب سدها، ومالك وأحمد وعائشة وطوائف من العلماء يرون وُجُوب سد هذه الذريعة، فهذا هو الكلام باختصار على أنواع الذرائع، وما يجب سده منها بالإجماع، وما لا يجب بالإجماع، وما اختُلف فيه.
ومن الأدلة على سد الذريعة في الجملة: هذه الآية الكريمة؛ لأن الله لما قال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ} ولم يقل: لا تفعلوا الفواحش. علمنا أنه أراد سد الطريق إليها بعدم القرب منها؛ لأن القرب من الشيء ذريعة إلى الوقوع فيه، [22/أ] /والراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والخطاب لعامة الناس.
والفواحش: جمع فاحشة، وقد تقرر في علم النحو أن (الفَاعِلَة) تُجمع جمع كثرة -جمع تكسير- على (فَوَاعِل) بقياس مطرد (¬1)، والواو في (الفواحش) مُبْدَلَة من الألف التي في مفرد الفاحشة (¬2). فـ (الفَاعِلَة) تُجمع على (فَوَاعِل) بقياس مطرد.
ومعنى الفاحشة: أصل الفُحْش في لغة العرب: هو كل شيء
¬_________
(¬1) انظر: الأشموني (2/ 449).
(¬2) انظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال ص (212).

الصفحة 481