كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

بلغ نهايته تسميه فاحشة (¬1).
والفاحشة في اصطلاح الشرع: الخصْلَة المُتَنَاهِيَة في القُبْحِ (¬2)، فكل خصلة تناهت وبلغت غايتها في القبح [تُسميها] (¬3) العرب فاحشة، ومن قال: إن أكثر إطلاقها في القرآن على الزنا ودلالة اللسان (¬4)، فهو خلاف التحقيق؛ لأن الفاحشة تطلق على كل خصْلَةٍ رديئة بالغة في القُبح والفحش، هذه هي الفاحشة، وكل بالغ غايته في الشيء فهو فاحش، وهذا معروف في كلام العرب، ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته (¬5):
أَرَى المَوْتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي ... عَقِيلَةَ مَالِ الفَاحِشِ المُتَشَدِّدِ

يعني بقوله: (الفاحش) البالغ غاية الحرص على ماله، و (الفواحش) هنا: هي السيئات العظام المتناهية في القبح، نهى الله خلقه عن أن يقربوا من كل خصلة سوء قبيحة يحرمها الشرع ويحذر الله منها، ثُمَّ عَمَّمَ هذا تعميماً عظيماً فقال: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: آية 151] فقوله: {مَا} بدل من (الفواحش) و {وَمَا بَطَنَ} عطف عليه، والمعنى: احذروا كل الحذر، وتجنبوا كل التجنب جميع الفواحش، سواء في ذلك ما هو ظاهر
¬_________
(¬1) انظر: المصباح المنير (مادة: فحش) ص (176)، المفردات (مادة: فحش) (626).
(¬2) انظر: الكليات ص (675).
(¬3) في هذا الموضع وقع مسح في التسجيل، وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها الكلام.
(¬4) انظر: الكليات ص (674).
(¬5) شرح القصائد المشهورات (1/ 83).

الصفحة 482