كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الخبيث الخائن، وهذه الفاحشة الباطنة، يريد أن يحقق بها ما أبطله الله، ويبطل بها ما أحَقَّهُ الله، فعَلَيْنَا جميعاً أن نعلم أن مثل هذه الأفعال بالغة من الخساسة والانحطاط ما ينبغي لمن كان له [عقل] (¬1) حتى ولو لم يكن له دين وله نخوة وإنسانية وضمير أن يتباعد عن هذا الخلُق الخسيس المنحطّ؛ لأن أكبر نعمة في الدنيا يراها الإنسان أن يكون إذا راجع نفسه فيجد نفسه مرضياً ضميره، لم يرتكب خسيسة، ولا شيئاً يفضحه، هذه أكبر نعمة، وأخس الأشياء: الذي يرتكب الخسائس والفواحش الباطنة مسْتَخْفِياً بها من الناس ولم يستخف بها من الله، يتجرأ على خالق السماوات والأرض، ويستخفي من الناس [وكان الواجب عليه أن يراقب ربه، ويجتهد في أن يُقدم للناس] (¬2)
خدمة نزيهة إنسانية، يلقى بها ثوابه عند الله، ويرضي بها ضميره، ويرضي بها الحَفَظَة الملازمين له، مع أنه يتقاضى من بيت مال المسلمين على ذلك شيئاً يسد أَوَدَه وخَلَّتَه، لئلا يضطر إلى ما لا ينبغي، فعلى هذا المسلم أن يُنَزِّهَ ضَمِيره، ويكرم ربه، ويكرم الملائكة الذين مَعَهُ، وأن يُكْرِمَ وَلِيَّ أمر المسلمين الذي حَطّه في ذلك الموضع، ولا يخون؛ لأن الإنسان إذا كان يَجِيئه مِسْكين ضعيف، له حق ثابت له شرعاً، سواء كان إداريّاً أو قضائيّاً، ثم إنه يُسوِّفه ويقول له: بعد بُكرَة، ثم بعد بُكْرَة، ثم بعد أسبوعين!! وهو حقه جاهز لا شيء دونه ولا عقبة، ولم ينقصه إلا
¬_________
(¬1) في هذا الموضع كلمة غير واضحة. وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها المعنى.
(¬2) في هذا الموضع وُجد انقطاع في التسجيل، وما بين المعقوفين [] زيادة يتم بها المعنى ..

الصفحة 485