كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93)} [النساء: آية 93].
النكتة الثانية: أن القتل منه ما هو بحق، فلا بد أن يُستثنى بقوله: {وَلَا تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: آية 151] والاستثناء الذي هو {إِلَّا بِالْحَقِّ} لا يمكن حتى يُخرج القتل من عموم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
وقوله: {وَلَا تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ} أي: التي حرم الله قتلها بأن جعلها معصومة، والنفس المعصومة: هي المعصومة بـ (لا إله إلا الله) من أنفس المسلمين. والمعصومة بأداء الجزية كالذميّين الذين يُؤَدُّون الجزية عن يد وهم صاغرون، فَعِصْمَة دمائهم وأموالهم كالمسلمين، وكذلك المعاهدون الذين يعطيهم الإمام أو غيره من المسلمين عهداً؛ لأن المسلمين يقوم أدناهم -يعني- بعهدهم، فلو أعطى الإمام عهداً لمعاهد يدخل ( ... ) (¬1) فهو إذاً من النفس المحرمة. وجاء في قتله أحاديث مشددة أن صاحبه لا يشم ريح الجنة.
فالنفس التي حرم الله: إما بالإسلام، وإما بالذمة، وإما بالمُعَاهَدَة.
فقوله: {إِلاَّ بِالْحَقِّ} أي: لا تَقْتُلوهَا إلا بالطريق الحَقِّ الموجبة لقتلها (¬2) شرعاً عند الله، وهذه الطريق حصرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن مسعود المتَّفَقِ عليه في ثلاث حيث قال: «لَا يَحِلُّ دَمِ
¬_________
(¬1) في هذا الموضع كلمة غير واضحة، والمعنى مستقيم بدونها.
(¬2) انظر: ابن جرير (12/ 220)، القرطبي (7/ 133).

الصفحة 488