كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

عن أنس ضعيف، لم يقل أحد بصلاحيته للاحتجاج (¬1). فقولٌ عند مالك ومن وافقه في التخيير يقولون: إن الإمام مُخيَّر بين هذه الثلاثة، إن شاء قتلهم وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالاً، وإن شاء قطع أيديهم وأرجُلَهم من خلاف وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالاً، وإن شاء نفاهم من الأرض، وعلى هذا القول فقتل النفس بالحرابة جائز على الثلاثة.
ومما يزداد على الثلاثة ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا» (¬2) هذا نص من النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن الناس إن بايعت خليفة، ثم جاء واحد آخر فبويع له فإنه يُوجب شق العصا وإراقة دماء المسلمين، فيُقتل الأخير ليستتب الأمن، وتتفق كلمة المسلمين على الأول الذي بايعوه.
وفي صحيح مسلم من حديث عرفجة (رضي الله عنه): «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ وَاحِدٌ، عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، يُرِيدُ شَقَّ عَصَاكُمْ وَتَفْرِيقَ جَمَاعَتِكُمْ فَاقْتُلُوهُ» وفي رواية: «فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» (¬3)، وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: «مَنْ بَايَعَ إِمَاماً وَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرٌ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ
¬_________
(¬1) وفيه: «قال أنس: فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبريل عليه السلام عن القضاء فيمن حارب فقال: من سرق وأخاف السبيل فاقطع يده بسرقته، ورجله بإخافته، ومن قتل فاقتله ... » أخرجه ابن جرير، وأشار لضعفه في التفسير (10/ 250، 267) وفي سنده ابن لهيعة، والكلام فيه معروف. وانظر النسائي (7/ 98).
(¬2) أخرجه مسلم في الإمارة، باب إذا بُويع لخليفتين، حديث رقم (1853)، (3/ 1480).
(¬3) مسلم في الإمارة، باب حكم من فَرَّق أمْر المسلمين وهو مجتمع، حديث رقم: (1852)، (3/ 1479).

الصفحة 490