كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

الْآخَرِ» (¬1)، هذه أحاديث ثابتة عن صحابة بِقَتْل هذه النفس، زيادة على الثلاث المذكورة.
وزَاد جمهور العلماء عليها: تارك الصلاة (¬2)، فإن جمهور العلماء -منهم مالك، والشافعي، وأحمد- على أنَّ تَارِكَ الصلاة يُقْتَل، واستدلوا على قتله بمفاهيم كثيرة من أحاديث كثيرة وآيات، كقوله: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [التوبة: آية 5] وكقصة الرجل الثابتة في الصحيح، الذي تكلم في النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: قِسْمَة ما أُريد به وجْه الله!! فقال بعض الصحابة: دَعْنِي أضرب عنقه. قال: «أَلَيْسَ يُصَلِّي»؟! قال: يُصلي ولا صلاة له!! قال: «أُولَئِكَ الَّذِينَ نُهِيتُ عَنْ قَتْلِهِمْ» (¬3)
يعني: المصَلِّين، فدل
¬_________
(¬1) مسلم في الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، حديث رقم: (1844)، (3/ 1472).
(¬2) انظر: التمهيد (4/ 224) فما بعدها، الاستذكار (5/ 341) فما بعدها، المغني (2/ 298 - 302)، (10/ 85)، نيل الأوطار (1/ 287)، كتاب الصلاة لابن القيم.
(¬3) ما ذكره الشيخ (رحمه الله) هنا مُرَكَّب من حديثين وَهِم الشيخ (رحمه الله) فأدخل أحدهما في الآخر.

أما الأول: فمن حديث ابن مسعود (رضي الله عنه) ولفظه: قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قَسْماً، فقال رجل: إن هذه لقسمة ما أُريد بها وجه الله. فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه، ثم قال: «يرحم الله موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» وقد أخرجه البخاري في فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخُمس ونحوه، حديث رقم: (3150)، (6/ 251)، وأطرافه في: (3405، 4335، 4336، 6059، 6100، 6291، 6336)، ومسلم في الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم، حديث رقم: (1062)، (2/ 739).
وأما الحديث الثاني: فهو من حديث عبد الله بن عدي الأنصاري (رضي الله عنه) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينا هو جالس بين ظهراني الناس جاء رجل يستأذنه أن يُسَارَّه، فأذن له فَسَارَّه في قتل رجل من المنافقين يستأذنه فيه، فجهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكلامه فقال: «أليْسَ يشهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلّا اللهُ؟» قال: بلى، ولا شهادة له. قال: «أليْسَ يَشْهَدُ أن محمَّداً رَسُولُ اللهِ؟» قال: بلى، ولا شهادة له. قال: «أَلَيْسَ يُصَلِّي؟» قال: بلى، ولا صلاة له. قال: «أولَئِكَ الَّذِين نُهِيتُ عَنْ قَتْلِهِمْ».
وهذا الحديث بعضهم يرويه موصولاً مسنداً، وبعضهم يرويه عن عبيد الله بن عدي بن الخيار -وهو الذي رواه عن عبد الله بن عدي الأنصاري- مرسلاً.
وقد أخرجه مالك في الموطأ (119)، والشافعي في الأم (6/ 157)، وعبد الرزاق (10/ 163)، وأحمد (5/ 432 - 433)، وعبد بن حميد (1/ 177)، والبيهقي (3/ 367)، وابن حبان (الإحسان 7/ 584)، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (2/ 912 - 914)، وللحديث شواهد، انظر: التمهيد (10/ 149).

الصفحة 491