كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

كقوله: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء: آية 48] فالحاصل أن جمهور العلماء وفقهاء الأمصار -منهم الأئمة الثلاثة- على أن تارك الصلاة يُقْتَل؛ لأن الله يقول: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ} [التوبة: آية 5].
أما مانع الزكاة فإنه يقاتل، يُقال له: أخرج الزكاة، فإن أبَى أُخرجت قسراً عليه، فإن مَنَعَها قُوتل دونها (¬1)، والقتال غير القَتْل، وهو الذي فعله أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) مع مانعي الزَّكَاة، قاتلهم، فالذي يُفعل بمانع الزكاة قِتال لا قتل؛ لأنه يُؤْمَر بإِخْرَاجِهَا، فإن أبَى أُخِذَت منه قَهْراً، فإن جاء دونها قُوتل حتى يُقْتَل، هذا هو المعروف.
وفي كون تارك الصلاة يُقْتَل عند الجمهور، عند من يقول إنه يُقْتَل كُفْراً، وهو مشهور مذهب الإمام أحمد، وهو رواية عن مالك، ودلت عليه أحاديث صريحة صحيحة في صحيح مسلم وغيره أنه كافر، وعلى قول مالك والشافعي: أنه يُقتل حدّاً، قالوا: لم يُعْرَف عن السلف أن الذي كان لا يصلي أنهم لا يَرِثُون بعده، ويجعلونه كالكافر المُرْتَدّ الذي يُرد نصف ماله إلى بيت مال المسلمين، هكذا قالوا، والخلاف مشهور، فبهذا نعلم أن تارك الصلاة: الشرع يقتله، وأن الحياة التي يعيش بها ليست حياة شرعية، والمعدوم شرعاً كالمعدوم حسّاً، فمثال تارك الصلاة عند أرْبَابِ العُقُولِ مثال الميتة، الإنسان الميت الذي هو منتن في ريحه، فيمشي بين الناس يأكل
¬_________
(¬1) انظر: المغني (2/ 435 - 438).

الصفحة 495