كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

ويشرب؛ لأن حياته التي يَعيشُ بها ليست حَيَاةً شَرْعِيَّة، وإنما هي حياة غير شرعية، والمعْدُوم شرعاً كالمعدوم حسّاً.
وخالف في هذا أبُو حَنِيفَةَ الجمهور، فقال: لا يُقْتَلُ تَارِكُ الصَّلَاةِ (¬1)، واستدل بحديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حصر القتل في ثلاث: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ»، قال أبو حنيفة: هذا حصر من النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاث، ولم يذكر فيها تارك الصلاة، فلا يمكن أن نخرق هذا الحصر، مع أن قتل تارك الصلاة أغلب أدِلَّتِهِ مفاهيم الأحاديث، وظواهر من آيات لا تكون مثل الصريح في قوله: «لَا يَحِلُّ قَتْلُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ» (¬2) هذا مذهب أبي حنيفة ووجهة نظره.
وزاد بعض العلماء أشياء أُخَر، منها: الساحر، فإنه يُقْتَل عند العلماء (¬3)، وجاء في بعض روايات البخاري من حديث بَجَالَة: «اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ» (¬4) وثبت عن ثلاثة مِنَ الصَّحَابَةِ قتل
¬_________
(¬1) مضى قريباً عند تفسير هذه الآية.
(¬2) مضى قريباً عند تفسير هذه الآية.
(¬3) انظر الفتح (10/ 236)، الاستذكار (25/ 237) فما بعدها.
(¬4) هذا الأثر قطعة من كتاب عمر لبعض عُمَّالِهِ، فهو موقوف عليه، وقد أخرجه عبد الرزاق (9972، 9973، 18745 - 18746، 18748، 18756)، وأحمد (1/ 190 - 191)، وأبو عبيد في الأموال رقم: (77) ص (35)، وأبو داود في الخراج والفيء والإمارة، باب في أخذ الجزية من المجوس، رقم: (3027)، (8/ 294)، وأبو يعلى رقم: (861،860)، (2/ 166 - 163)، والبيهقي (8/ 136، 247 - 248)، وابن حزم في المحلى (11/ 394، 397)، وابن عبد البر في الاستذكار (37942 - 37943)، وقد أخرج البخاري أصل الحديث من غير موضع الشاهد، كما في الجزية والموادعة، باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، رقم (3156)، (6/ 257)، كما أخرجه مختصراً من غير موضع الشاهد آخرون كالشافعي في الرسالة والأم، والدارمي، والترمذي، والطيالسي، وغيرهم.

الصفحة 496