كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير (اسم الجزء: 2)

أضدادها وصاكم بها؛ أي: أمركم بها أمْراً مُؤَكَّداً، فعليكم أن تحتزموا بها، فلا تَقْربوا مال اليتيم بغير الأحسن، وَلَا تقولوا إلا ما هو عدل، ولا تنقضوا العهود، إلى غير ما جاء في الآيات.
{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} قرأه هنا حفص عن عاصم، وحمزة والكسائي: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} بتاء واحدة وذال مخففة، وأصله (تَتَذَكَّرُونَ) فحذفت إحدى التاءين، وقَرَأَهُ الجمهور، وهم الباقون: {لَعَلَّكُمْ تَذَّكَّرُونَ} بتشديد الذال وإدغام إحدى التاءَيْنِ في الذال، وعلى قراءة حفص وحمزة والكسائي: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (¬1) فقد حُذفت إحدى التاءين، والمضارع المبدوء بتاءين يجوز حذف إحداهما بقياس مطرد:
وَمَا بِتَاءَيْن ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ ... فِيهِ عَلَى تَا كَتَبَيَّنُ العِبَرْ (¬2)

وعلماء العربية مختلفون اختلافاً لا طائل تحته ولا دليل عليه في التاء المحذوفة من التاءين هل هي تاء المضارعة أو التاء الأخرى؟ (¬3) هذا الخلاف لا طائل تحته، ولا دليل عليه، والمدار على أن إحدى التاءين محذوفة، وهذا معنى قوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأنعام: آية 152].
كان بعض العلماء يورد في هذه الآيات سؤالاً، وهو أن يقول: عبّر في الآية الأولى بـ {وَلَا تَقْتُلُواْ اْلنَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلَّا بِالحَقِ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)} [الأنعام: آية 151] وفي هذه الثانية
¬_________
(¬1) انظر: المبسوط لابن مهران (204).
(¬2) الخلاصة ص (79).
(¬3) انظر: البحر المحيط (4/ 253)، الدر المصون (5/ 223).

الصفحة 523